الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

قلب مائل للزرقة




أمحو أثر الطبشور على القلب الأخضر
القلب الخائف من أن يظل تحت أي سقف
مهما كان عالياً
ما دامت الحرية فراشة لامرئية
تحوم في الخارج.


أتنشّقُ زرقة الحرية
التي تخضرّ مرارةً كلما كبرنا
و كما لو كانت حلماً
نكبر نحن فتصغر هي.


في ذكرى ميلادي
أعود خلسةً لأستعيد الله - الذي يحبني وحدي
 القمر الذي يتبعني عبر نافذة السيارة؛ ليحرسني
و شتوية إربد، و النجوم على الدفتر، و أرق ليلة العيد.


أعيدوا إليّ شجاعتي الأولى
في أن أطمع في كل شيء
رغم كوني لا أملك شيئاً.


الشمس ليست صفراء
و هذا الذي رسمته في السماء باللون البني
ليس سوى صرصور طائر:
سأقولها لمعلمة الروضة
و أمضي إلى باقي عمري
حرة مثل ريح تجهل المواسم.


فأكون الغياب
و الغياب حرية الطارئ على الحضور.


لم يُقلِع الخيال عنّي
لكنه غيّر هوايته- هو الآخر
صار يمشي بموازاة الحقيقة
بخفة راقصة باليه
دون أن يفكر بعناقها
أو أن يلتفت ليتأكد
من أنها موجودة حقاً.


منذ البدء لم يكن ثمة شيء مقنع بما يكفي:
تسريحة شعري المائلة لليمين أكثر من اليسار بمقدار سنتيمتر
ادعاءات أمي بأن الدمى لا تشعر
و كلام معلمة الدين عن حب جميع الناس.


لا قيمة للمرآة حين لا يوجد ما تعكسه.
كل ما تبحث عن ذاتك فيه
يبحث عن ذاته فيك – هو أيضاً.


لا شيء يبدو حقيقياً كما يجب
حتى هذه العبارة.
هل ثمة جوهرٌ ما؟
أم أنه هو الآخر لعبة عقلية صرنا جزءاً منها إلى الأبد؟


كل حماقة تلغي الأخرى، أو تكملها:
حكمة الفرار من أول العمر إلى أقصى الحياة
بقلبٍ مائلٍ للزرقة.

إلامَ السّفر؟



 



كان السؤال الكبير يختبئ
في تهويدة خالتي للطفلة التي لا تنام:
"إلامَ السّفر .. يا نور البصر"؟
ضحكة الطفلة التي انسلّت من تحت الغطاء
صارت فيما بعد
خلخالاً لقدم الخالة التي لم تعد تسأل.

***

الكلمة التي استنشق الآخرون شرودها
من على رأسي
صادفتها البارحة
تبحر في ساقية ضيقة
تُخفض جناحها لأغصان الجنة التي أريد
 ثم تجتازها بلا التفاتة أخيرة
إليّ.

***

إنها لا تمطر- كالعادة
لكنهم يخبئون رؤوسهم في حجورهم
يهمس كلٌ منهم لظلمته:
لن يلعب أحدٌ معي
رغم أني معهم، بين فكّي السماء، وحيدة
أنبش ظلماتهم بحثاً عن لعبتي الضائعة
و لا أراها في عيون جثث ضحايا القوانين الكونية
و لا في أقدام لاعبي الكرة
لا في الأسلاك المكشوفة للمعرفة
و لا في فساتين جينيفر لوبيز
تؤطرني الفلسفة فأتشبث بحبل الشّعر الحر
و يتركني الإثنان في منتصف ملعب الاحتمالات
 أبحث –مثل الآخرين- عمّن يشاركني اللعب.

***

و حين أسأم من السأم
أعني حين أسأم منه أكثر
سأعض على حزني و أهرب به
كما لو أن العالم كله يطاردني
كما لو أن لا وجه لي.
آه، لولا وجهي
تلك البقعة القابلة للتجعّد
بلمحة جارحة
لكان بوسع حزني
أن يلبسني
فلا يجرح أحدٌ ظله في غيابي
و لا يتكهّن برائحة روحي في غيابه أحد.




 * نشرت في مجلة الفلق الإلكترونية.