السبت، 13 مارس 2010

قافية في مدى الأسفار

قافية في مدى الأسفار






يَلتحفُ الليلُ قوافِي الَظلام

حين يُزَف في أزقة الرّوح .. أنين الجَسَد

ترقصُ الحُمـّى على بَوَاقي الشعورِ

و يستأثر السُّعال المَجنونُ بالباقي من الأنفاس

يُقيـّــد الخفقـَاتِ بحبلٍ من مَسَد

مُبعثرةٌ أنحَاء الشعورِ .. كَعقدِ لؤلؤ مُغتَال

تنزفُ السّماء لغَةً جَديدَة تَستبَيح الأنين

أبجَدياتها مفتتة كأفئدة الغمام

و حين تجنح بي نجيماتي الساهدة

إلى مساحاتٍ تبرق في سمائها الفضة

و يعجَن طينها بماء السماء

تنبثق من أكمام الورد رائحة الربيع

ترتصف مفردات اللغة و كأنها فلك بديع

تنتحر فواصل كبرى بين عالمين

أود لو أني ألتصق بزبَد السمَاء السَابعة

أن أقطِف مِن عُيُون اللّيل نَجمَة


لَكِنني أتَنَفسُ بَشريّتي


و أبتَلعُ الظلاَم قِطعَة .. قطعَة

أمارس لُعبة الأشياء

التي قَد تأتي وَ لا تأتي

ككل البشرْ

أنتظرُ المَطرْ

لا أطرُق نَوافذ الغيْم لأستَجدي الحَيَاة

أنتظرُ أكفّ الخرِيفِ الأصْفَرِ

لِتَمهّد لِي أرضيَ الثكلى

كلمَا تَاقت روحِي للبكَاءِ

لا أتسلقُ دَاليتي في الرَبيعِ

لأطرَد الغربَان

وَ لا أكسُر تابوتَ أحزاني

و أنا ككل مُهاجرٍ يبحَث عَن قافِيتهِ

فِي عُيون الغربَاءِ

و لا يَجِد غَير ألف سِرب من حَمَام

و بضعة رَسَائِل خبأتهَا الأمهَات في جيُوب الحقائب

و شيئاً من زادٍ .. و نَكهَة من وَطن

يَظلُّ كالطيرِ .. بَاحثاً عن سَماء

تُعِيرُهُ انتماءَها لـ يومٍ واحدٍ أو سَاعة

إلَى أن يَعود الرفيقُ القديـْـم

يَلّف السّماءَ و الغربَاء مَعاً

في قميصِ الظــّلام

تَنصَهرُ ألوانُ الغروب

في كوب قـَهوة واحد .. لونُه أسوَد

مُوسيقَاهُ .. لَحنٌ واحِدٌ أمرَد

قافيتُهُ صَدى لِمَا بيْن الوَطَن و الوَطن .



فاطمة إحسان اللواتي

شـــذى

شــــــذى





الليلُ و الريحُ


مزاميرُ معلقةٌ بأستارِ الشتاءْ


و سكوني رعشةٌ خفيةٌ


تكاد تبوح برغبتها في البكاءْ


لكنما ظلَّ عبير ذاك الربيع الذي تذكرينه


ممسكاً بتلابيب ثوبي .. فتعطرَ


و أمسيتُ مثلما أضحيتُ أبداً


كبرجِ الحَمَامْ


كابتسامتكِ كلما رفت أجنحةُ اليَمَـامْ


مرّت شتاءاتٌ طويلة


نسيتنا فيها الريحُ


التي عشقتْ بعثرةَ ألعابنا ذاتَ حين


و حتى الليلة التي كفّن الثلجُ فيها مدينتنا .. نسيتنا


شاخ البرد وحده طوال تلك السنين


و لا أخالـُه يَموت !


أنا يا صديقتي الصغيرة


تارةً أنتشل شتاتكِ من بين الأكوام التي عمّرت في ذاكرتي


لأدفئ عمري ولو ببقايا أحلام


و تارةً أنتشل ذاتي من هناك


لأجد نفسي أرشف الدفء من أقداح الميرامية و الزعتر


و في صباحات المدارس


حيث تُنسـَج النميمة عند أطفال الحيّ


عن الطفلين البعيدين


أما زالا صديقين أم افترقا ؟!


ثم يغني المطرْ


نبتلع حَباته لتذوْب كحَلوى السكرْ


و ينبَت في حَناجرنا الغناء


فتموت أجوبَة كل الأسئلة ،


لمَرة جديدةٍ أخرى


أسترسل في تفاصيل قديمةٍ


قد لا تذكرينها


و أذكرها


لأني لم أعُد أطرَب للمطر


صوته القديم تذكارٌ ضمه الغيمُ و نام


حتى إلحاحُ الريحِ .. بات يزعجني


فلم تعد بين يديّ دُمى أخشى أن تُؤذى


و لا ألواح طبشورٍ أخاف أن تُكْـسـَــر ،


عالمي كعوالم كل الذين كرِهتُهــُــم يوماً و كرِهــتِـــهم


صمتٌ و هدير .. بردٌ و دخان !





فاطمة إحسان صادق اللواتي