الاثنين، 19 أبريل 2010

جبين الصفحات المطوية







لو أن قطارات الأزمنة الدخانية


لا تُستَوقف عند مفترقات العمر


لو أنها تتخطى بوارج بناها عناد القدر


لتغني طلاسم ذاك السفر ..


لو أن أمنية ماتت


قبل أن تستفيق في مهدي


تهويدة دفءٍ غامر


غاضت حروفها في لجة الخوف المستعر


لو ان دمعاً تحجر في مغاراته السحيقة


و ابتعد الموج عن مشاكسة شموخي


و أفرغ شجونه في زاوية اخرى .. بعيدة


لو كانت قلاعي الرملية


تلوح لأشرعة جديدة


تمرر أسراب النجوم من بين القضبان التي


أسرت حلماً طريداً ..


طمست أخاديد القمر ..


أثكلت أفئدة الغيمات


بعدما باركت أضرحة الأماني .. بالمطر



***



لو أنّـي أداري عثراتي


برقعة من زمام الذات


لانفكت عني تعويذة


و بقيت أخرى


تغزل خيوط الشتاء الآتي


لو أن لحظة من زمان مضى


تختطف أنفاس لحظة سبقتها


لكنها أُحجية الوقت


السافر .. المتواري


تزجنا في زوايا الخضوع .. لنحترق


نتسلل بين المرايا


نسترق الكلمات من الشفاه


من الورق


نحشد جيشاً من حروفٍ ترتعد


ثم يخرسنا الذهول فنبتعد


نترك أحلامنا الصغيرة


على جذع يلهو به الموج


و بصمتٍ ننسحب



***



لو أنّ نجمة سألت أحضان الأفق


قبل الأفول


هل مرّ القمر يوماً بديارنا


من قبل أن يطمسه الغياب ؟!


هل فاتني تلويح الشهاب


قبل أن تورايه الحفر ؟!


لو أن رعشة خضوع ذللتني


لأنحني للمواكب البعيدة


لانحنيت ؛


لأنفض أتربة الأوجاع عن روحي


و أنبثق من ظلال زماني


أبسط أمتعتي على أديم الشمس


تجتاز بي مدن الترحال .. خطوة وئيدة



***



لو أنّي أمخر عُباب الوقت


أكسر سواد الحبر بزوبعة تبلج آخر


تراقص الذكرى المتسللة على جبين الليل


و الليل فلكي الدوار ...


دوامة السقوط إلى صفحاتي المطوية



***



أحيا تفاصيل انحسار الوقت


و نميمة أطواق الياس على سطور الاندثار


أُرقع تفاصيل رواية أخرى


ساقها القدر عبثاً إلى طاولتي


لتحوي طفولة نبض امتزج ببياض حلم


و سطور دفاتر


و سحابة صيف تتورد على خد صباح المهاجر


اُولد في فضاء الحنين


لحظة طي الورق المضمخ بالعطر ..


ينفرج الأفق عن ملامح مفارق لن يؤوب .

فاطمة إحسان صادق اللواتي




أسرج نورك .. سأنطفئ



بَيَاضٌ يخْنُـق السّــطور


كُلّــمَا تجَاسَــرَت خطـوة رَمـادية



عَلَـى كَسـْرِ النّوافــذْ



هَـلا وَضَعْتَ الزجـَاجَ عَلَى عَيـْنَـيّ لأخْتَـلـِسَ النظـَر ؟!



الّدمـَى حَوْلَ الورَقِ



تُوْلـَدُ مِن صَـميمِ المَوْتِ



لِتَمُوْتَ بِلا سِيْمـَاء



فهَلا أسْرجتَ قِنْديلاً يُوقدنِي ؟!



تِيـجاني .. أقْنِعَتِـي



و شَـيءٌ مِن كبريَاءٍ بشَريٍّ يسكُنني



مَرّوا بِصَحْرَائي



اقْتَلَعُـوا الرّمـَالَ



و تَرَكُوْنـِي دُون أَرضِيْ !



هَلْ مِن سـَمـَاءٍ جديْدةٍ



تَحْتَمـِلُ سُكانـاً جُدداً



تَبَرَأت مِنْهُم طَهَارةُ شَمْسك ؟!



أبحَثُ عَن أسْقف جَدِيدةٍ



أرَممُ بِهَا سُقُوْطـي



عَنْ عُيـُونٍ خَرْسَاءٍ



أُخَبِئ فِيـهَا الأجْنحَة الكَسِيرة


و الحَنـَايـا التي مُلـِئَت



ظمـَأ و رَهْبـَة !



أبْحـثُ عن لَحْظـَة لَفَظَهـَا فـَمُ الزمـَان



لأُخَلدَهَا بِجِوَارِ البِروَازِ



وَ الصُوْرة المُهْتَرِئة



و أدّعـيَ بِأنـّها تَاريخـِي



و حُلم تَنبّــه عَلَى وَخْزِ صُبْـحٍ عَجـوْل



و مَضَـى يبْحَثُ عَن رَفيـْقٍ غَرِيبٍ كحُلمِـي



أُسـَافــِرُ ... بلا خَوفٍ مِنْ كَسـْر الأجْنِـحَة



نَتَقَــاسَمُ دُخَان الأَرَقِ .. أنا و الغُربـَة



يَرْقــدُ التّعَبُ عَلى كَتِفـي



و يَتَنَهــّد



كُلّما تَنفَسَ الأرَق .. يَتَنَهــّـد



كلما تنَفــّس الأرَقُ و اصطدَمَـت زَفَرَاتُـهُ بزجـَاجِ وَجْهـِي



تَلتَــوي أنْفاسُهُ



كَشفَتَــيّ طِفـْلٍ يائِس




" يَا عَالَمـاً يَدُور

ارتــَدِ الغبـارَ و اخـْرَس


عِنْــدمَا أقُولُ [ كفــى ] !"





فاطمة إحسان صادق اللواتي

28/4/2008

أجنحة تعلو وريقات






أطل الفجر على الكــون



مبدداً العتمة و السكون



وردة جـــوريـــة



بيضاء كالحورية



كانت تفرد أكمامها المبتلة بقطرات الندى الفضية



و تبتسم للشمس ...



فراشة قروية أقبلت من بعيد



و راحت تتبادل معها الهمس ...



- تبدين مذهلة هذا الصباح أيتها الوردة !



- حبيبتي في كل صباح لي إطلالة تأسر العقل و النفس !



- معكِ حق ! لا أحد يجرؤ على مجاراتكِ يا محبوبة الشمس !



- ألهذا أتيتِ أيتها الوضيعة ؟



- لا يا صاحبة السمو و المكانة الرفيعة !



- إذن لمَ أنتِ هنا بقربي ؟



- لا أظنكِ مستعدةً لسماع بوحي !



- بلى ... كلي آذان مصغية لكِ فتكلمي ...



- إذن فلتسمعي يا سيدتي و لتنصتي ...



هذا المساء ستزورنا الغيمات ...



- هل سيهطل المطر ؟



- هيهات !



- إذن ما الخبر ؟



- الليلة سترين دبابات و رشاشات ... !



- و ما شاني أنا ؟ بالله عليكِ هلا أخبرتني متى سيروينا المطر ؟



- لا مطر سيرويكِ .. بل ..... !



- كيف تجرؤين على قول مثل هذا الكلام يا صغيرة ؟



المطر سيرويني يا حلوتي ... سنقيم حفلاتنا معاً هنا على التلة ...



سنسهر طويـــلاً و لن ينسى المطر أن يكسر أجنحتكِ هذه المرة ..!



- ليته يفعل ! لكن يبدو أنني سأنجو ككل مرة !!



مليكتي ... ربما لن تري اليوم المســاء



لن تنعمي بالارتواء



لن تظلكِ السمــاء



بل حتى لن .....!



- لن ماذا ؟



- أراكِ قد هدأتِ !



- ليس هذا وقت سخريتكِ ، و الآن هلا أكملتِ ؟



- ... آه نعم ... ربما ... ربما لن تتنفسي الهواء !



- سأمـــــوت ؟



- من يدري ؟! فأرواحنا بين يدي ذي الملكوت !



- (...............)



قبل أن تردف الوردة بكلمة



تناهت إلى سمعها أصوات مخيفة



تبعها صوت شهقة عظيمة



ارتمت الفراشة على إثرها في أحضان الوردة المذهولة !



- حمقائي !! ألستُ أنا من ستموت ؟



قلبت بصرها في الأنحاء



سمعت أصوات بكاء



رأت القرية ملطخة بألوان دماء



مر طيف المطر ببالها



فتذكرت قول الفراشة :



" لا ارتواء ، لا سماء و لا هواء ! "



لم يخلف المطر وعده



زار التـــلة



رشها بدموعه الثكلى



و ألقى عليها نظرته العجلى



ثم هــمَّ بالرحيل ...



إلا أنه لمح من بعيد



أجنحة متكسرة



تعلو وريقات بيضاء كالثلج



لطختها حمى الشوق الطويل أو الغرور أو حب الحرية



أو ربما ..............!







فاطمة إحسان صادق اللواتي


26/2/2007