
هم لا يعلمون
تَعرفُ سَمَاءُ المَسرَى
لَونَ صَباحَاتِها البَيضاءْ ،
تُنكُر الحَمائِمُ
لَونَ ريشِهَا الأبيَضْ !
لا يَعرِفُ أطفَالُ القُدسِ
إلا صبَاحَاتٍ بلوْنِ الرّمَاد
وَ تَهويدَاتِ لَيْلٍ بطَعمِ الألَمْ
يَعرفُ الأطفالُ
المسرِعُونَ إلى مَدَارِسِهم
أنّ الحمَائمَ بَيْضَاءْ
وَ لَو غابَت الطيّارات
لعَادت السّماءُ أيضاً بَيضَاءَ كالعَروس
يُدّرسُ الأطفالُ و هُم عَلى مقاعِدِهم
أنّ الزيتُونَ سَيبتَسمُ
لَو ذبُل الوَردُ الأسوَدُ
عَلى السّيَاج
و سَتعود الأرضُ خضرَاءَ .. كالزمرّد
لا يَعرِف الوَاقِفونَ عَلى العَتبَات
أنّ القَهوَة هُنَا عَربيّة
و أن الهويّة لا تسلِبها
وَثيقةٌ دَمَوية
و لا حَتّى قناطرُ الدبّابات
وَ لا يَعرِفونْ
أننا نَعيشُ لنعيش !
لا يُؤرقنَا حَاضرٌ مُر
نقرَع أبوَاب الغدِ بالحِجارَة
نَتَصفحُ أخبَارنَا في الجرَائد
و نقرَأ عَلى وجوه الشهدَاءِ أمجَادنا
و نُصلّي ..
تَحتَ السرو و الزيتُون
و هُم لا يَعرِفونْ
بأننا مِن صُلبِ طينِ الزيتون
نُخبئ أحزَاننا تَحتَ حُطام السّقوف
لئلا يَشمَت بنَا الرشّاش و المِدفَع
نَعجُن جِراحَاتنا ببلسَمِ الغَد
نَصنَعُ مِنها أرغِفة الكِفاح
لِيحملهَا الصغَارُ في حقائبهِم
إلَى المَدَارِسْ
لِيحملُوا هَوية الانسَانية
في ضمَائرهِم
إلى المُؤتَمرَاتِ و المجَالِسْ
ليُجددوا نَذرَ مَوتِهم لحَياةِ الأرض
في المسَاجدِ و الكنائِس
هُم لا يَعرِفون
أنّ الأمّ فينا تُعزّى بالشهِيد
فتقولُ : كَان كَالوردِ
سابِحاً في الأرجُوان
كَان قميصُه أحمرَاً
كَان صَدره المشقوقُ مَصحفاً
يُرتل آيَاتِ الرحمن !!
" أيّها السّاهرون ! ..
ألمْ تَتعَبُوا مِن مُراقبَة الضوْءِ في ملحِنا ؟
وَ مِن وَهجِ الوَرد في جُرحِنا ؟
ألمْ تَتعَبُوا أيّهَا السّاهِرون ؟! ".

فاطمة إحسان اللواتي
اجل هم لا يعلمون
ردحذفروووعة وفمة في الابداع ...