
و تركت رأسي في حجرك
يهمس مردداً دعواتكِ الطاهرة
ثم مضيت على جهلٍ
تقودني قدماي إلى الحافرة
لم أعرف أبداً يا أمي
أن العمر غابٌ من ضياع
لم تخبريني أن أيامي
في الغياب ، و الأماني الحمقى
على أعتاب الشباب
كلها ضربٌ من ضروب السراب
ما حدثتـِني يوم جمعت أشلائي خلف ابتسامتك
أن أقنعة البشر تتلاشى كالضباب
و أن الكلام كالصقيع
يتبعثر في زخم العواصف
حتى وصاياكِ تبعثرت في الزحام
و تاه مني همسكِ المبحوح
وحدكِ أماه تدركين كم أخشى الزحام
و كم أخاف على أحلامي المحنطة كالدمى
من أن تــُـسـرَق في زحام الخائفين
حيث لا يدرك الحالمون
على أي الأقنعة ستتسلل أناملهم الهشة
لتنزلق ،
و على أي مزلقة ستحط أقدامهم
لتهوي ،
إلى منفى يجهله العارفون
و عرفت يا أمي أن المنافي
لا تأكل إلا من حناجر الباكين
لتسمعهم الغناء
عرفت أخيرا أن الحزن لعبة الأقدار
و أنه كالطفل البائس
يرهقه طول التعلق بالوهم
فيبكي .. عاجزاً عن التصديق
أماه ... مدرستي هلاّ تغفرين ذنب السنين
حينما تكسر قواعد الكتاب
و تأذن بالتنكر و خداع الصديق
أماه دنياي .. هل سمعتِ يوماً عن المحراب الغريق
و عن لعنة ِ السندباد الغريب
حين أنكره تراب الأرض
و أنكره الزمان
هل تعرفين ماذا يقول الصيف الحزين
لأبيه الخريف
حين يكتظ جبينه بالسحب و الغبار
أي جريمة ٍ ؟ أيّ عار ؟
تـــُـلوّث براءة الصفاء
فـ يزدحم الضجيج و الخوف و الانهيار
يا أمَ لو خانني صفو لياليّ
و أرهقني الترحال بين نجمٍ آفلٍ و كوكب
فامسحي بكفيكِ على رأسي المثقل
فهو - مهما ابتعدتُ -
ما يزال .. في حجركِ
يسرد أسطورة زماني المتعـَـب .
فاطمة إحسان اللواتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق