الأربعاء، 24 أغسطس 2011

كُن تلقائياً .. ترى الوجود أوتو - كنترول !

لا أدري لماذا ننكمش على ذواتنا ، و نبدأ باستبدال المساطر واحدة تلو الأخرى لنقيس ما يُقال و ما لا يقال ، حتى حين يُطلبُ منّا التعبير أو التعليق على أبسط الأمور التي لا تضر أحداً و لا تنفع ، كسؤالنا مثلاً عن إحدى الخبرات الشخصية العابرة التي سبق أن مررنا بها ، لستُ مع إطلاق ألسنتنا لنهذي بكل شيء ، و لا مع التزمتّ و الجمود في طرح الأفكار التي نأمل أن نوصلها بأيسر الأساليب و أسرعها إلى قلوب الآخرين .أليس القليل من ضبط النفس مُضافاً إلى تلقائيتنا الطبيعية اكسيراً كافياً لإيقاع الآخرين في سِحر حديثنا ؟



في حديثه عن تجربته الأولى في التقديم الإذاعي يقول الإعلامي الشهير لاري كنج بأنه ظل صامتاً في البداية لمدة طويلة إلى أن دخل مدير المحطة إلى الأستوديو و صرخ في وجهه ! و في الحال بدأ بنطق كلماته الأولى كمذيع : " طاب صباحكم ، هذا أول أيامي في الإذاعة و لطالما وددت أن أكون مذيعاً . لقد ظللت أتدرب طيلة عطلة نهاية الأسبوع ، غير أنني الآن أشعر بجفاف في الحلق إضافة إلى إحساسي بالقلق ! " ، و يعقب لاري على ذلك بقوله أن هذه الكلمات القليلة منحته الثقة للاستمرار ، و منذ ذلك الحين لم يعرف القلق طريقاً إليه .



البعض يحشر نفسه في قوالب ضيقة ، كي لا يُوصف بالتناقض مع ذاته أو الجهل أو حتى بعدم الموضوعية ، كبعض الخبراء و المتخصصين الذين لا تجد في تصريحاتهم و لو تلميحاً عابراً عن جوانب أخرى خارجة عن مجال تخصصهم قد تتداخل مع ما هم بصدد الحديث عنه . على سبيل المثال تجد في برنامج ( شواهد ) على قناة الـ ( إم بي سي ) أن أخصائيي علم النفس الذين يعلقون على ما يسرده الناس من قصص متعلقة بالظواهر الغامضة كالجن و الأرواح ، تجدهم يعلقون كل قصة ببضع كلمات كالهلاوس ، و الإدراكات الكاذبة ، و و محاولات المراهقين الضحك على عقول آبائهم لجذب الانتباه ! و إذا صدق هذا القول ، فهل من الممكن أن يشترك سبعة أو ثمانية أشخاص أسوياء عقلياً في هلاوس و إدراكات كاذبة في الوقت نفسه ؟ أليس من المحتمل أن أياً من هؤلاء الأخصائيين قد اطلع على شيء مما كُتب في علم الميتافيزيقا الحديثة ؟ أم أن سياسة البرنامج التي ما استضافت هؤلاء المتخصصين إلا لإثبات وجهة نظرٍ واحدة هي الأولى بالتنفيذ ؟



أؤمن كثيراً بقول إنجيلو باتري : " ليس من أحدٍ تعِسٍ كالذي يصبو إلى أنْ يكون غيْر نفسهِ ، وغَيْرَ جسدهِ وتفكيرِه " ، و أضيف بأن سر نجاح الكثير من المشاهير و المبدعين في سحر الألباب هو تلقائيتهم في التعبير عمّا نخشى نحن التعبير عنه و نقلق بشأنه . و لربما تصدر منهم بعض التناقضات الصريحة بين بعض مواقفهم و آرائهم ، لكننا نحترمها لأنهم احترموا ذواتهم منذ أعلنوا أنهم بشر مثلنا ، بينما نثور على من يجزمون بالحقائق ثم يعاودون الجزم بنقيضها دون خجل ! فلماذا القلق و التحفظ إذن مع علمنا بكل ما


ينصب في صالحنا بفضل البساطة و التلقائية ؟



فاطمة إحسان صادق اللواتي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق