الاثنين، 13 فبراير 2012

في فخ الرؤيـــا


أغمض عينيّ

كي لا أرى

لكنني أبصر جيداً

كل ما أخشاه

لأنني أعرف أنني

لا أغمض عينيّ

إلا حين أخاف

***

أطلب من نفسي أن أبتسم

لكنني أبكي

لأنني أتذكر أنني

لا أتسول الابتسامة

إلا عندما أحزن

***

أخبئ يدي

في جيب المعطف

لأصافح الدفء

فليسعني الصّقيع ،

الدفء مشاكسٌ كشمس الشتاء

المتراكضة بين الغيم

و الصّقيع رابضٌ على أطراف نافذتي

يرسم لي لوحات الضباب

بأنامل من جليد

***

يأتيك صوتي من قعر فنجانٍ مكسور

مغلولاً بالتُّهَم كلّها ،

بليالي الغُربة

و صباحات القهوة البَاردة

و قطارَات الأوهَام و الأحلام

و عناوين البريد المجهولة

التي قصدتها صورتك المرسومة بحبري الأزرق

فعادت مُبللة بالمطر .. و الصّدى .


فاطمة إحسان اللواتي

نشرت في ملحق ( شرفات ) بـ جريدة عمان


علم النفس و أزمة السوق !

بعدما تخطينا قضية عدم التمييز بين أخصائيي علم النفس و نظرائهم في علم الإجتماع و الخدمة الإجتماعية ، حيث يعمل الإثنان تحت مسمى " أخصائي " ، أو حتى غير أخصائي حيث يوكل إلى البعض منهم مهام بعيدة تماماً عن مجال تخصصه و يعامل كأحد الموظفين الإداريين .نصطدم بما هو أشد مرارة من ذلك ، ففي كلية التربية حيث تدرس إحدى زميلاتي علم النفس التربوي للمرحلتين المتوسطة و الثانوية ، تقول إحدى موظفات الإرشاد الطلابي أنه يمكن لخريجي هذا التخصص العمل كمعلمين لمادة الإجتماعيات ، جنباً إلى جنب مع خريجي أقسام التاريخ و الجغرافيا ، بل الفلسفة و علم الإجتماع أيضاً . لا أتصور كيف يمكن لمن كانت مواد دراسته طوال سنين الجامعة تدور حول خطوط الطول و دوائر العرض أن يتساوى في قدرته على شرح الجغرافيا مع من لم يدرس في عالم الخطوط غير الخط المتعامد لأبعاد الشخصية الأربعة !

كيف نتعجب من عدم تفرقة الناس بين الطبيب النفسي و الأخصائي النفسي ، و نحن لا نستطيع فصل مدرس علم النفس عن مدرس التاريخ و الجغرافيا ؟ و كيف لا يُهضم دور الأخصائي عندما يأتي رجل (الروب الأبيض ) لينهي معاناة المريض دون سؤاله حتى عن بدايتها بجرعة ( أمفيتامين ) تكفل للمريض أن ينسى مشكلته بشكل مؤقت ، ثم يعود لطلبها حين يعاوده الألم ؟

يحدث كل ذلك في أروقة المدارس و المستشفيات في الوقت الذي يضرب فيه الآخرون على الوتر الحسّاس لهذا العلم الذي أضحى " علم من لا علم له " حسب وصف أحد أساتذة الجامعة ، حيث يُتاجر غير المتخصصين بالكثير من المعلومات اللا- علمية في وسائل الإعلام ، لاسيما على شبكات التواصل الاجتماعي حيث يسعى البعض لاستعراض ثقافته المُستعارة خلف جملة " أثبتت إحدى الدراسات الحديثة في علم النفس " دون التطرق لأي إشارة لمصدر تلك الدراسة ، و يُقدم البعض استشارات مجانية على الانترنت للهدف نفسه أو أهداف أخرى . عوضاً عن اختبارات الشخصية المتداولة بكل سهولة ، و التي تعطيك وصفاً كاملاً لشخصيتك في خمس دقائق ، بناءً على لون عينيك و طول شعرك ، و الكتب التي تقدم لك التفاؤل و الإيجابية على أطباق من دجل ، شبيهة تماماً بكتب الأبراج و التكهنات السنوية المتغيرة حسب المواسم ، و لكن بعناوين مختلفة .

وفقاً لما هو منصوص عليه في موقع الجمعية الأمريكية لعلم النفس على الانترنت فإنه من المفترض أن تتراوح فترة تدريب و تأهيل الأخصائي النفسي الإكلينيكي في حدود الأربع سنوات بالإضافة إلى الممارسة العملية التي يتم من خلالها الإشراف على الحاصلين على شهادة البكالوريوس إلى أن يتم الحصول على شهادة الدكتوراه ، لكن ما نشهده في البلاد العربية بشكل عام ، هو أن فترة التدريب الميداني بالجامعات لا تتعدى ساعات قليلة على مدى أشهر لا تتعدى الأربعة غالباً . إضافة إلى صعوبة الإلتحاق ببرامج تدريبية بشكل فردي اختياري في المؤسسات الرسمية ، بحجة المحافظة على خصوصية الاستشارة النفسية . و كأن حضور الأخصائي المتدرب لجلسة علاجية أصعب من قيام خريج كلية الطب المتدرب بعملية جراحية لمريض حقيقي . فكيف يمكن وضع معيار للمهنية في مجال لا ينال فيه المتخصص على فرصة حقيقية لإثبات جدارته بالمهنة و تمييزه عن غيره ؟

أزمة تقدير التخصصات الحديثة لا تقتصر على علم النفس وحده ، بل تشمل الكثير من التخصصات الأخرى التي يفاجَأ أصحابها بتعيينهم في وظائف لا تتناسب مع مجال دراستهم و خبرتهم ، مما ينعكس سلباً على أدائهم الوظيفي و طموحهم و رغبتهم في الإنجاز و بالتالي يؤثر في مستوى التنمية بشكل عام . فهل من متحرك يبدد سكون المياه الراكدة ؟!



فاطمة إحسان صادق اللواتي

نشرت في جريدة ( الراي ) الكويتية


الأربعاء، 1 فبراير 2012

اغمريني .. لأبتلّ كما ينبغي


إليكِ خبري هَذا المَسَاء

بعدَ السّلامِ المُتفاوضِ عَليهِ فيمَا بَيننا

فِي الحِينِ الذي تُحيي فيهِ الرّصَاصةُ قتيلَهَا

و ينحَنِي الحِبرُ الأسودُ – تحيّة - للرّصاصَة

يسقطُ الجَسَد - بلا تبجِيلٍ لَسقطتهِ -

و يفصل طوفان الدّم بين ضفتين اثنتين

إحدَاهُما لا يُسَاوي فيهَا الإنسانُ قرصَ شعيرٍ

و أخرى نُذِر فيها المرءُ لحتفهِ

ليظلّ جُرحاً صُوفيّ الألَمِ عَلَى جَبين الأبَد

وَ يُسألُ ذووهُ يومئذٍ عَمّا قصَد

و عَن نوَاياهُ ، و خطاياهُ ، و عَن الشامَة السّوداءِ فِي عنقهِ

أكَانتْ سوداءَ حقاً ؟ أمْ أنّ فيهَا مَا يشِي بخيَانة البَلَد ؟

دثريني -أيتهَا الحُمّى- مِن بردِ زمَانِي

اسكُنينِي جَمراً و دُخاناً ، ففِي الحَالتيْن سأحترقْ

و في الحَالتِين سأرتجفُ كَالأحياءِ المُتنكرينَ

فِي ثلاجَة المَوتى ،

و أنتفضُ ثأراً للهوَاءِ المُعتقلِ في رئتيّ

لـِ كَنائِس دَمعِي المُستباحَة و مَسَاجدِ أحزانِي

زملّينِي ، كفنينِي ، و انثرينِي رمَاداً

في عُيونِ سجّانِي و قاتِلي الجَانِي

عَلى حدّ الهَاويَة أسيرُ بلا وهنٍ و لا هُوينى

فلا تُساومِيني عَلى نِصفِ جسرٍ ، و نصفِ هَاوية

و اغمُرينِي ، لأبتلّ كَما ينبغي

و أنسَى قدرتِي عَلى التنفسّ اللاهَوائيّ تحت المَاء

ثمّ اغمريني .. جيّداً ؛ لأتقنَ الهذيَان بكِ بلا حَرَجٍ

و لا رَهبة !

فاطمة إحسان اللواتي
* نشرت في جريدة ( الراي ) الكويتية