الأربعاء، 1 فبراير 2012

اغمريني .. لأبتلّ كما ينبغي


إليكِ خبري هَذا المَسَاء

بعدَ السّلامِ المُتفاوضِ عَليهِ فيمَا بَيننا

فِي الحِينِ الذي تُحيي فيهِ الرّصَاصةُ قتيلَهَا

و ينحَنِي الحِبرُ الأسودُ – تحيّة - للرّصاصَة

يسقطُ الجَسَد - بلا تبجِيلٍ لَسقطتهِ -

و يفصل طوفان الدّم بين ضفتين اثنتين

إحدَاهُما لا يُسَاوي فيهَا الإنسانُ قرصَ شعيرٍ

و أخرى نُذِر فيها المرءُ لحتفهِ

ليظلّ جُرحاً صُوفيّ الألَمِ عَلَى جَبين الأبَد

وَ يُسألُ ذووهُ يومئذٍ عَمّا قصَد

و عَن نوَاياهُ ، و خطاياهُ ، و عَن الشامَة السّوداءِ فِي عنقهِ

أكَانتْ سوداءَ حقاً ؟ أمْ أنّ فيهَا مَا يشِي بخيَانة البَلَد ؟

دثريني -أيتهَا الحُمّى- مِن بردِ زمَانِي

اسكُنينِي جَمراً و دُخاناً ، ففِي الحَالتيْن سأحترقْ

و في الحَالتِين سأرتجفُ كَالأحياءِ المُتنكرينَ

فِي ثلاجَة المَوتى ،

و أنتفضُ ثأراً للهوَاءِ المُعتقلِ في رئتيّ

لـِ كَنائِس دَمعِي المُستباحَة و مَسَاجدِ أحزانِي

زملّينِي ، كفنينِي ، و انثرينِي رمَاداً

في عُيونِ سجّانِي و قاتِلي الجَانِي

عَلى حدّ الهَاويَة أسيرُ بلا وهنٍ و لا هُوينى

فلا تُساومِيني عَلى نِصفِ جسرٍ ، و نصفِ هَاوية

و اغمُرينِي ، لأبتلّ كَما ينبغي

و أنسَى قدرتِي عَلى التنفسّ اللاهَوائيّ تحت المَاء

ثمّ اغمريني .. جيّداً ؛ لأتقنَ الهذيَان بكِ بلا حَرَجٍ

و لا رَهبة !

فاطمة إحسان اللواتي
* نشرت في جريدة ( الراي ) الكويتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق