الأربعاء، 30 يونيو 2010

غمامات صيفية



و تركت رأسي في حجرك


يهمس مردداً دعواتكِ الطاهرة


ثم مضيت على جهلٍ


تقودني قدماي إلى الحافرة


لم أعرف أبداً يا أمي


أن العمر غابٌ من ضياع


لم تخبريني أن أيامي


في الغياب ، و الأماني الحمقى


على أعتاب الشباب


كلها ضربٌ من ضروب السراب


ما حدثتـِني يوم جمعت أشلائي خلف ابتسامتك


أن أقنعة البشر تتلاشى كالضباب


و أن الكلام كالصقيع


يتبعثر في زخم العواصف


حتى وصاياكِ تبعثرت في الزحام


و تاه مني همسكِ المبحوح


وحدكِ أماه تدركين كم أخشى الزحام


و كم أخاف على أحلامي المحنطة كالدمى


من أن تــُـسـرَق في زحام الخائفين


حيث لا يدرك الحالمون


على أي الأقنعة ستتسلل أناملهم الهشة


لتنزلق ،


و على أي مزلقة ستحط أقدامهم


لتهوي ،


إلى منفى يجهله العارفون


و عرفت يا أمي أن المنافي


لا تأكل إلا من حناجر الباكين


لتسمعهم الغناء


عرفت أخيرا أن الحزن لعبة الأقدار


و أنه كالطفل البائس


يرهقه طول التعلق بالوهم


فيبكي .. عاجزاً عن التصديق


أماه ... مدرستي هلاّ تغفرين ذنب السنين


حينما تكسر قواعد الكتاب


و تأذن بالتنكر و خداع الصديق


أماه دنياي .. هل سمعتِ يوماً عن المحراب الغريق


و عن لعنة ِ السندباد الغريب


حين أنكره تراب الأرض


و أنكره الزمان


هل تعرفين ماذا يقول الصيف الحزين


لأبيه الخريف


حين يكتظ جبينه بالسحب و الغبار


أي جريمة ٍ ؟ أيّ عار ؟


تـــُـلوّث براءة الصفاء


فـ يزدحم الضجيج و الخوف و الانهيار


يا أمَ لو خانني صفو لياليّ


و أرهقني الترحال بين نجمٍ آفلٍ و كوكب


فامسحي بكفيكِ على رأسي المثقل


فهو - مهما ابتعدتُ -


ما يزال .. في حجركِ


يسرد أسطورة زماني المتعـَـب .



فاطمة إحسان اللواتي


الأسطـــــورة



الأسطـــــورة




كما يُطلّق الطير نوافذ الحَبّ و الحُبّ


هجر الضجيج مسمعي


تسلل الصمت إلى روحي و مشيت


مثلما مشى البهلوان على حبل القش


مشيتُ في رؤاي على القدَرِ و الثلجِ و النارِ


مشت على كل ذاك أحزانٌ و برواز صورةٌ


و صورة لأسطورة


و أساور مكسورة


و اسمٍ لي في سماءٍ باعتني لغتها


مشى دون أن يُحرَق في حنجرة بِشرٍ


سمَا كآية الكرسيّ من محراب أمي


شاقاً كبد الظلماتِ


فذابت في عروقِ النشوةِ وريقاتي


و همَسَ خاطرٌ ما في صميم ذاتي


أن لي من الأسطورةِ ملامحي


و لي على سواحلها قِلاعي و قصَائدي


و أوتاد عمري و مرسَاتي


و في وجداني شاعرٌ أندلسي الأسى


لم يتعلم بعد من الشعر ما يكفي


ليتحرر على يديه أسرى القصيدة


أذكرهم / إذ كنتُ على شرفتي


أجمع عناوين لي سقطت سهواً في الجريدة


ثم تقوست شذرات الأسطورة على أقبيتي


لم أبصر إلا التماع شهابٍ يقترب من نجمةٍ بعيدة


فما عادت لي حاجةٌ بشمسٍ و لا شرفاتِ


و انتحر الحرف بوادي الكلماتِ


كانت الرؤيا سماءً حقيقية


تتدلى منها حبال أرجوحتي


فتهفو إلى عِناق القمرِ حناياي


رغم جراحاتي


ثم وضعت السماء مداراتٍ للرؤى


كي لا تتبعثر أشلاء الحالمين


و تُدنــس بمُهـَـجهم أكفّ الغيم


فسقطتُ عن فلكي


و أمسَت في تابوت الحَقيــقة


بقايا أسطورة .. تُسرج شموس حكاياتي .



فاطمة إحسان اللواتي

على قارعة الكلام



على قارعة الكلام




مسافتين بعد . و يكتمل المشوار


وتستفيق سيدة عجوز


على صخب المرور


و تتأفف قليلاً


قبل أن تضرب بحقيبتها المهلهلة


وجه النافذة


و على وجه النافذة أيضاً أسراري البيضاء


حيث ( اللا- سفر ) و أشياء أخرى


توبخني عليها اللغة مراراً


لكنني أعود لكسر قواعدها


مفصلاً .. مفصلاً


و يبدأ الزحام من جديد


سألتني إحدى الشوارد العائمة في فيضان الشعور


هل يقتات الحنين على أصوات الفراغ وحده ؟!


لم أسمع جواباً مني ..


لعله الفراغ .. ينسج بوحه من شتات الحنايا السقيمة


استعداداً للجواب ،


و مضيت على سرج قافيتي لا توقفني واردة


و لا أختها الشاردة


فبقيت قافيتان بعد و يكتمل ذيل القصيد


لا يمنح أوردتي الدفء شيءٌ كمثله


حتى شمس حزيران لا تقوى على حمل أكوام أكوام الصقيع


إلى مقبرة الكواكب الحزينة


القصيد إله الليل المتهجد في محراب الدفتر


و حيث يكون السطر الأول .. تكون قارعة الكلام


و يكون الزحام


و أكون كما أهوى أن أكون


في الزمان الذي لا يبقى فيه على الذبول إلا رعشةً أو رعشتين


أكون قد مزقت من شظايا الأيام


شظية أخرى أرضي بها طفولة تفكيري


فأرضى بحكايةٍ أو حكايتين


و تسميهما اللغة في بعض الروايات .. أسطورتين


و ينتحب المكان على الوجع نفسه


تنتفض اللغة


لتبقي على خطوتين .. تبتعدان بي عن أرضي


كجيكور السيـّــاب حين واراها الوادي البعيد


و لم يبقَ بينه و بينها سوى حفلٍ من نور


و ظلالٍ من أزاهير


ألوان الرسم قد لا تشبه إلا الوهم أحياناً


و السراب أجمل من أن يكون محض معنى


فهو لونٌ كأي لون تحبه الأحلام


حين لا يبقى على تكفينها غير الساعتين


و حين لا يبقى على الكلام و الفراغ و الطريق سوى فاصلتين


لتكتمل بعدها صورة الزحام


تنبثق عينا " ميدوزا " لتحجرا بواقي الأشياء


حيث لا متسع لـ طرفة عين .




فاطمة إحسان صادق اللواتي


ريح الفجر



ريح الفجر






صَوتك يأتي



مُخترقاً رخام المُفرداتِ في لُغتـي



مُبدداً لعنَة اللحنِ المُتهدج



الذي أخرَس هجيرَ الحَواس فيّ



و أقعَدنـــِي



هو الليل لا يَحتضِن إلا السّكوت و المَوت



و رائحة الزُّقومِ



إذ انبعثَت من مِحبرتِي



نَهاركَ شمسٌ خجولٌ



تلتحف بـِبُردتك



تركُنك إلى جوارِ الظلام



تُدنسِك بالشّماتة



أتقدمُ معروفاً لجاحِد ؟!



لا تُغــــــنِّ !



لا تزعج الرقاد و الغبار



دعِ الظلام



ينسُج دقائقَ سنينهم في الكَهفِ



ليبعثهم زُكام المشيبِ



يُغرقهم بنشوةِ الثمَالة



فيـُتوج موتُهم بنهاية !



و لا تنتهي اللعنة !!



فمهما رُفعَت الخطيئة



تبقى قدماها تخُطان على رمالِ السّنين



نشيج الندم أو الاستكبار



تُرتلانِ سُنة التّكوين



الشمس فجرٌ



و للظلام أقمارُ



و ضِياء شحيحٌ لَيكفي



ليبدد ظلاً من سَواد القمرِ



كشمعةٍ خاملةٍ



تهزمُ الأشباحَ و الظلمة.




فاطمة إحسان اللواتي

بعيداً .. بعيداً





بعيداً مشيت



اقتحمتُ أسوار القمر



و عن جسور البعد تنائيت



فقد تخطيتُ قوس المطر ..



امتطيت فــؤوس الوهم



عانقتُ أحلام الأميرات



لأعود و أحكي ..



بأني رُسِمتُ في إحدى اللوحات



و كنتُ فيها قطراتٍ عطشى



سكبت أقداح الوهم على رؤوس المظلات



ثم عادت لتروي



عن أجنحة الشمس و عيون القمر



تحاول أن تدفن أطياف الثريا



في وديان الثرى



تحاول إقنــاع النجوم



لتنحني



و تلامس وهج العيون



لكن الجبال ما انفكت جاثمةً



على نحر الأحلام و الآمال السراب



و تبقى مساحات الصدى شاسعةً



بين قيعان الواقع الأمرد



و أطياف خيالٍ مجنون



فلا الشمس ينبغي لها أن تسرق المطر



و ليس للنجوم حقٌ في امتطاء الغيوم



و كلٌّ في الأحلام يعمهون.






فاطمة إحسان اللواتي


ارتعاشة حي بين الأكفان



ارتعاشة حي بين الأكفان





قبل أن ..



تلتقي الأشواك على ضفاف الرؤيا الناعسة



و تنقض السباع على ما تبقى



من الأماني النائية / و آمالي



يتلمس الوجع أطراف ثوبه البالي



يسترجع نبرات صوته المتحشرج الباكي



يغفو على أكتاف الحلم



و يصحو على هجير البؤس / و سكوني



يقتات على ما تبقى من قلب



يتبعثر كرمال شاطئ مهجور



باحثــأً عن ظــلٍّ



عن وجه بلا لسان ..



عن حي يرتعش بين الأكفان ..



بعيــداً عن الغربة / و ضياعي



فهناك أجنحة الفراش المتكسر



و هناك كل ما تبقى من رذاذا العطر المتبخر / و أنفاسي



هناك ما يشبه أحلام الكبار



و خواطر الصغار / و فضائي



ممسوخة إلى تمثال مسجى



على حافة الظلام المتعب



................


..........


....



شمعة تنتظر



و بسمة تتناثر على بياض يحتضر



ينتشي القمر



تنتحل الأهداب المثقلة صورة الإبر



و يغرق الوجع / و بؤسي



يهوي إلى نهاية الوريد المنفطر



و على وقع آهاته



يطـــرب المطـــر



يشــق طريقه على خارطة اللحن الأخير



يتلاشـــــى ..



كطيــفٍ حالمٍ .. أو سحابةٍ من عبير .






فاطمة إحسان اللواتي