ينحرُف بك مَجرَى الحَنينِ
إلِى سَاقيَتِهَا ، فتنسَى المَاء
تُحدّق في انعكَاس لَونهِ عَلى
وَجنةِ السّماء
و تلتفتُ إلى قلبك المتصوفِ
المنسيّ كقطعة بلّور على حافةٍ نهرٍ متلألئ الضِفاف
النّهر هو نفسُه ، قبلَها و بعدَها
لكّن لَم يذُب فيه هذا المَساء سُكر ضحكتهَا
لِذا يخضرُّ قلبكَ كُلما خفقتْ زرقتُه
و كَما كَان يخضرُّ غصنُ الصّنوبر
عَلى التمَاع خاتمهَا
تبرقُ عَيناكَ كنجمتينِ فِي ليل الأبَد المُنقضِي
هِي للصّيفِ أنفاسُه الدخانية
هِي للخريفِ انسيابُه الشفيف
عَلى لغتِك المُتماوجَة كشالِ حريرٍ عَلى خصرهَا
و كَصدى أغنيةٍ عَاطفيةٍ
شاهِدة عَلى انتصاراتِك و خيبَاتِك كُلّها
تُطاردُك في مِدادك حَتّى التّعب
و خلفكَ مِصباحُ الطريق
يُضيءُ لبقيّة العُشاق
أوّل شمُوعِ الإحتِراق
فتتسللُ لسعَة الدفءُ إلَى صَدرك
لِتُوقِظ البَرد و العَتمة
مِن حَولِك الأشياءُ ترتدِي زهوهَا
تحتفِي كعادتِها بأوائِل المَواسِم
وَحدَك تقتفِي أثر السّحَاب
و عَلى بَراعِم الأملِ الرّطبَة تُهِيلُ التُرَاب
يعرِفكَ العَابرُون بسيمَائك
و تحتَ شرفتِكَ يقرعون كُؤوس الحَياة
كُلّهم مَرّوا بعدَها .. و مَا مَرّوا
هِي لَم تَعُد إلى حِذائِهَا المَنسيّ عَلى بَابك
و كأيّ رؤيَا لا تُرَى إلا مَرةً في العُمر .. حَتماً لن تَعُود
لكيلا تُلدَغ مِن الحُبّ نفسِه مَرتيْن .
نشرت في صحيفة (الراي) الكويتية بتاريخ 21/3/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق