الاثنين، 31 ديسمبر 2012

ساقية على حد الأبد


 
 
ينحرُف بك مَجرَى الحَنينِ

إلِى سَاقيَتِهَا ، فتنسَى المَاء

 تُحدّق في انعكَاس لَونهِ عَلى وَجنةِ السّماء

و تلتفتُ إلى قلبك المتصوفِ

المنسيّ كقطعة بلّور على حافةٍ نهرٍ متلألئ الضِفاف

 النّهر هو نفسُه ، قبلَها و بعدَها

لكّن لَم يذُب فيه هذا المَساء سُكر ضحكتهَا

لِذا يخضرُّ قلبكَ كُلما خفقتْ زرقتُه

و كَما كَان يخضرُّ غصنُ الصّنوبر

عَلى التمَاع خاتمهَا

تبرقُ عَيناكَ كنجمتينِ فِي ليل الأبَد المُنقضِي

هِي للصّيفِ أنفاسُه الدخانية

هِي للخريفِ انسيابُه الشفيف

عَلى لغتِك المُتماوجَة كشالِ حريرٍ عَلى خصرهَا

و كَصدى أغنيةٍ عَاطفيةٍ

شاهِدة عَلى انتصاراتِك و خيبَاتِك كُلّها

تُطاردُك في مِدادك حَتّى التّعب

و خلفكَ مِصباحُ الطريق

يُضيءُ لبقيّة العُشاق

أوّل شمُوعِ الإحتِراق

فتتسللُ لسعَة الدفءُ إلَى صَدرك

لِتُوقِظ البَرد و العَتمة

 مِن حَولِك الأشياءُ ترتدِي زهوهَا

تحتفِي كعادتِها بأوائِل المَواسِم

 وَحدَك تقتفِي أثر السّحَاب

و عَلى بَراعِم الأملِ الرّطبَة تُهِيلُ التُرَاب

يعرِفكَ العَابرُون بسيمَائك

و تحتَ شرفتِكَ يقرعون كُؤوس الحَياة

كُلّهم مَرّوا بعدَها .. و مَا مَرّوا

هِي لَم تَعُد إلى حِذائِهَا المَنسيّ عَلى بَابك

و كأيّ رؤيَا لا تُرَى إلا مَرةً في العُمر .. حَتماً لن تَعُود

لكيلا تُلدَغ مِن الحُبّ نفسِه مَرتيْن .

 

 
فاطمة إحسان اللواتي

نشرت في صحيفة (الراي) الكويتية بتاريخ 21/3/2012
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق