الاثنين، 31 ديسمبر 2012

زهرة هاربة من خريف القلب




 

لو أننا لم نختنق

بنسمة البرد الهاربة

من شتوية المنافي

لانتظرتكَ ربيعاً آخر

و لأشهرتَ راية الإستسلام

 لحُمّى الفصول المُتعاقبة

على جبين الأرض

المُنهكة من رتابَة الدوران

***

لو لَم تلسعني خيبتي فيك

لما عرفتُ يوماً

كيف يمكن لحلمٍ كأنت

بكل تفاصيلهِ المحفورة في الذاكرة

أن يمرّ صُدفة بجواري ،

و يُهديني الورد و الغد و القصيد ،

ثم يُكمل الطريق كالغريب

ريثما أفيق أنا من الدهشة !

***

لو لم ينزلق القمر

إلى البحيرة التي لمحتُ ظلك ذات ليلةٍ

و هو يختالُ على سطحهَا

بلا قلقٍ .. و لا رَهبة

لما عرفتُ كيف يكسو الجليد

أديم القلب رويداً رويداً

و كيف تستحيل سحابتي الخجلى في وطن عينيك

إلى غيمةٍ هاربةٍ إلى المنفى

***

لو لم تستأنف الشوارعُ حركة جنونها اليومي بعدك

 مثلما كانت قبلك

لما نسيتُ كيف يمكن لاسمكَ المألوف

أن يستوقفني دون الأسماء

و كيفُ يُضفي لفظهُ معنىً

 لكل تفاصِيل الأشياء

و كيف تتغير أبجدية اللافتات

المشيرة إلى حيث تكون

لتأخذ أشكال الجسور المُعلقة

لحدائق بابل و فراديس اليونان

***

لَو لم يُحدِق بي فقدك

من كُل الزوايا المُفخخة بالوحشة

لو لم تُزين لي مرآة الوهم

ذنب استحضارك

إلى ما تبقى من وعيي مذ عرفتك

لما أعلنتُ توبتي في خريف القلب

و جئتكَ أجتث أناملي من يديك

لأتساقط ورقاً أصفر

من على كتفيك

***

لو كَانت لِي أغصان تكسوها المَواسم ،

باقفرارها و زهوها

 لانتظرتك حَتى آخر الأبد ،

 لَكنني زهرَة برية هَاربة من جذورها

 اعتادَت أن تشق مِعراجها وَحيدة إلَى السّماء !

 
فاطمة إحسان اللواتي
نشرت في ملحق (شرفات) بجريدة عمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق